سيارات شاومي SU7 تحت المجهر: هل تحول الحلم
التكنولوجي إلى كابوس في 2025؟
قسم : أخبار السيارات
حدث استثنائي في عالم المحركات شهدته السنوات القليلة الماضية، وهو تحول شركة "شاومي" (Xiaomi) من
عملاق للهواتف الذكية إلى منافس شرس في سوق السيارات الكهربائية. ومع ذلك، لم يكن
عام 2025 مفروشاً بالورود لهذه الشركة الطموحة. فبينما كانت أرقام المبيعات تكسر
الأرقام القياسية، كانت الحوادث القاتلة والعيوب التقنية تثير موجة من الذعر
والشكوك حول مدى أمان "العقل الإلكتروني" الذي يدير هذه المركبات.
- في هذا التقرير، نستعرض
بالتفصيل الحوادث التي هزت سمعة شاومي في 2025، ونحلل التبعات الاقتصادية
والتقنية، ونكشف عن الفجوة بين التطور البرمجي ومعايير السلامة التقليدية.
 |
| سيارات شاومي SU7 تحت المجهر: هل تحول الحلم التكنولوجي إلى كابوس في 2025؟ |
سيارات شاومي SU7 تحت المجهر: هل تحول الحلم التكنولوجي إلى كابوس في 2025؟
بداية الرحلة انطلاقة صاروخية واكتساح للسوق
عندما أطلقت شاومي سيارتها
الأولى SU7
في مارس 2024، اعتبرها الخبراء "تيسلا كيلر" أو
قاتلة تيسلا. بفضل تصميمها الانسيابي الذي يشبه سيارات بورش، وسعرها التنافسي،
وتكاملها مع نظام شاومي البيئي، نجحت الشركة في جذب أكثر من 80 ألف حاجز في الساعة
الأولى فقط.
- بحلول عام 2025، وصلت
تسليمات الشركة إلى أرقام مرعبة، متجاوزة 300 ألف سيارة بحلول الربع الثالث من
العام. ولكن، مع زيادة عدد السيارات على الطرق، بدأت "الشقوق" تظهر في
جدار الثقة، وتحولت ميزات القيادة الذاتية والركن الذكي إلى مادة دسمة لعناوين
الأخبار المأساوية.
كابوس الأبواب الإلكترونية عندما يتحول الأمان إلى قيد قاتل
من أكثر القضايا التي
أثارت الرعب في نفوس المستهلكين خلال عام 2025 هي حوادث الاحتراق الناتجة عن
اصطدامات، والتي اقترنت بفشل نظام فتح الأبواب.
1. مأساة مقاطعة أنهوي (مارس
2025)
في حادثة هزت الرأي العام
الصيني، اصطدمت سيارة
Xiaomi SU7 بحاجز
خرساني في مقاطعة أنهوي أثناء تفعيل نظام القيادة المساعدة. التحقيقات الأولية
أشارت إلى أن السيارة كانت تفتقر لتقنية LiDAR
المتقدمة في نسختها الأساسية، مما أدى إلى خطأ في تقدير
المسافة.
- الأمر لم يتوقف عند الاصطدام، بل ما تلاه كان
مروعاً؛ فقد اشتعلت النيران في البطارية، وفشل النظام الإلكتروني للأبواب في
الاستجابة، مما أدى لوفاة ثلاث طالبات جامعيات كنّ بالداخل. انتشرت صرخات
الاستغاثة عبر منصة
"Douyin"،
وأكدت عائلات الضحايا أن الأبواب أُغلقت تلقائياً ولم تفتح لا من الداخل ولا من
الخارج، مما جعل السيارة تتحول إلى "فرن معدني".
2. حادثة تشنغدو (أكتوبر 2025)
تكرر السيناريو ذاته في
أكتوبر، ولكن هذه المرة مع طراز SU7 Ultra
الرياضي الفائق. بعد اصطدام قوي، عجز شهود العيان عن كسر
الزجاج أو فتح الأبواب التي تعتمد كلياً على الأنظمة الكهربائية. توفي السائق
محترقاً، مما أعاد فتح ملف "الأمان البيولوجي" مقابل "الرفاهية
التقنية". يرى الخبراء أن الاعتماد المفرط على المقابض الإلكترونية دون وجود
نظام ميكانيكي سهل الوصول إليه في حالات الطوارئ هو "خطيئة هندسية" وقعت
فيها شاومي.
الأعين الضيقة عندما تخطئ الخوارزمية في قراءة البشر
بعيداً عن الحوادث
الدموية، واجهت شاومي أزمة من نوع مختلف في يونيو 2025، سلطت الضوء على عيوب "الذكاء
الاصطناعي" في التعرف على الوجوه.
اشتكى مستخدم يدعى "لي"
من أن نظام مراقبة الإرهاق في سيارته SU7 Max
يقوم بإصدار تنبيهات صوتية مزعجة ومستمرة تتهمه بالنعاس،
بينما كان في كامل تركيزه. السبب؟ ملامحه الآسيوية وعيناه الضيقتان طبيعياً. النظام
المبرمج على قراءة اتساع العين لم يستطع التمييز بين "إغلاق العين" وبين
"طبيعة العين"، مما أدى لتعطيل تجربة القيادة.
- هذه الواقعة، رغم طرافتها
لبعضهم، إلا أنها كشفت عن "فجوة البيانات" في تصميم خوارزميات شاومي. فوفقاً
للخبراء في جامعة "تسينغهوا"، تعتمد هذه الأنظمة على مجموعات بيانات قد
لا تشمل التنوع البيولوجي الكامل، مما يجعل التكنولوجيا "عنصرية تقنياً"
دون قصد، ويؤثر على موثوقية أنظمة الأمان الذكية.
الركن الذاتي ومخاوف الغرق
في الأنهار
في واقعة أخرى أثارت
السخرية والقلق في آن واحد، وثق أحد المالكين خروج سيارته عن السيطرة أثناء تفعيل
خاصية "الركن الذاتي". السيارة التي يفترض أنها "ذكية"، لم
تستطع التمييز بين رصيف الموقف وبين حافة نهر قريب، وتوجهت مباشرة نحو الماء.
- رد شاومي الرسمي كان "دفاعياً"،
حيث حملت السائق المسؤولية لعدم اتباع تعليمات الكتيب التي تنص على ضرورة المراقبة
البشرية. هذا الرد لم يلقَ قبولاً لدى المستهلكين، إذ تساءل الكثيرون: "ما
فائدة الذكاء الاصطناعي إذا كان يتطلب رقابة بشرية في أبسط العمليات؟".
التبعات المالية زلزال في
البورصة وخسارة مليارات الدولارات
لم تكن الحوادث مجرد أخبار
عابرة، بل تُرجمت فوراً إلى خسائر مادية فادحة.
- هبوط الأسهم:
سجلت أسهم شاومي تراجعاً بنسبة 7.8% في أسبوع واحد فقط
عقب توالي تقارير حوادث الاحتراق.
- القيمة السوقية:
خسرت الشركة ما يقدر بـ 4.5 مليار دولار من قيمتها السوقية في فترة
وجيزة.
- ثقة المستثمرين:
بدأ المحللون الماليون في إعادة تقييم سهم شاومي،
معتبرين أن قطاع السيارات قد يصبح "نزيفاً" مالياً للشركة إذا لم
يتم تدارك عيوب الأمان بسرعة.
المواصفات
التقنية لسيارة Xiaomi SU7 القوة مقابل الأمان
رغم كل الأزمات، تظل
مواصفات سيارة شاومي مبهرة على الورق، وهي السبب في استمرار مبيعاتها الضخمة:
- الأبعاد:
طول 4997 ملم، عرض 1963 ملم، مما يوفر مساحة داخلية
رحبة.
- الأداء:
المحرك الأساسي يولد 229 حصاناً مع عزم دوران 400
نيوتن متر.
- التسارع:
تنطلق من 0 إلى 100 كم/ساعة في 5.28 ثانية، وهو
رقم يتفوق على سيارات رياضية عريقة.
- البطارية والمدى:
توفر السيارة مدى يصل إلى 668 كيلومتراً في الشحنة الواحدة، مع دعم
الشحن السريع.
- الذكاء الاصطناعي:
تعتمد على معالجات "Nvidia Orin" المزدوجة
ونظام "HyperOS"
للربط الكامل مع أجهزة شاومي الأخرى.
تحليل
الخبراء لماذا تعاني شاومي؟
يرى خبراء صناعة السيارات
أن مشكلة شاومي تكمن في "عقلية شركات التكنولوجيا". شركات الهواتف
اعتادت على فلسفة "أطلق المنتج ثم أصلح العيوب عبر التحديثات" (Beta Testing). لكن في عالم السيارات، العيب البرمجي لا يعني توقف التطبيق، بل قد يعني
فقدان حياة بشرية.
- الفجوة بين "السرعة
في الابتكار" وبين "الصرامة في اختبارات الأمان التقليدية" هي
التحدي الأكبر الذي يواجه شاومي في 2025. فالشركة نجحت في تقديم سيارة "ذكية
جداً"، لكنها ربما قصرت في جعلها "آمنة جداً" في الظروف القاسية.
مستقبل شاومي في سوق
السيارات الكهربائية
هل تستطيع شاومي النجاة من
هذه الأزمات؟ الإجابة تكمن في قدرة الشركة على إجراء مراجعة شاملة لأنظمة الأمان،
وتحديداً:
- إضافة أنظمة فتح أبواب ميكانيكية للطوارئ (Emergency Manual Overrides).
- تحديث خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر
شمولاً ودقة.
- الشفافية في كشف نتائج التحقيقات بدلاً من
إلقاء اللوم على المستخدمين.
رغم
الحوادث، باعت شاومي أكثر من 300 ألف سيارة في عام 2025، مما يدل على أن
العلامة التجارية لا تزال تتمتع بجاذبية قوية. ولكن، التاريخ يخبرنا أن سمعة "الأمان"
هي التي تبني شركات السيارات المستدامة، بينما "الانبهار التقني" قد
يزول مع أول حادث مأساوي.
الخاتمة
تظل تجربة شاومي في عام 2025
درساً قاسياً لكل شركات التكنولوجيا الطامحة لدخول عالم النقل. إن "عقل"
السيارة ليس مجرد شاشات ومعالجات سريعة، بل هو نظام متكامل يجب أن يضع حياة
الإنسان فوق كل اعتبار تقني. سيبقى عام 2025 عام الاختبار الحقيقي لـ "لي جون"
(مؤسس شاومي) وفريقه، فإما أن تصبح شاومي رائدة في أمان السيارات الكهربائية، أو
تظل مجرد صانع هواتف حاول الطيران فسقطت أجنحته.